انفلات جنسي" متزايد يُهدد مستقبل التلاميذ والمدرسة المغربية
ما الذي دهى العديد من تلاميذ المغرب؟..هل هو "سُعار جنسي" أصاب تلامذتنا فلا يكادون يميزون بين فصول الدرس وفضاءات التحصيل العلمي وبين أمكان اللهو وممارسة المتع المحرمة..وما أسباب هذا "الانفلات" الجنسي الذي ألم بفلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض.
إنها أسئلة ليست سوى غيض من فيض من مجموعة تساؤلات بات يطرحها مهتمون وتربويون وأولياء أمور التلاميذ بخصوص صور ومقاطع فيديو تزايد انتشارها في الشبكة العنكبوتية، عن قصد أو عن غير قصد، تؤشر على سلوكيات منحرفة للتلاميذ لا يتورعون في ممارستها داخل قاعات الدرس أو في محيط المؤسسات التعليمية.
إصرار بعض التلاميذ على كشف نزواتهم الجنسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويوتوب وغيرها من حوامل الانترنت، أضحى مقلقا يقض مضجع الكثيرين، فهل هي مراهقة وحدت نفسها في أتون عولمة الانترنت والتواصل الإلكتروني، أم أنها مجرد انعكاس للتحولات القيمية العميقة التي تمزق المجتمع المغربي.
"فضائح" جنسية بطلها تلاميذ
استفاقت مدينة المحمدية قبل أيام قليلة على وقع "فضيحة" مقطع فيديو تظهر فيه تلميذة تضع غطاء على رأسها، بمعية تلميذ آخر يتابعان معا دراستهما في إحدى الثانويات التأهيلية بمدينة الزهور، وهما يمارسان مقدمات الجنس، الشيء الذي أثار حفيظة تلاميذ تلك المؤسة التعليمية.
وخرج تلاميذ المدرسة محتجين ومستائين مما حدث، حيث أعرب أغلبهم عن تشكيكهم في أن تكون الفتاة في حالة طبيعية، باعتبار أنها تلميذة مؤدبة ومتفوقة في دراستها وتنتمي إلى أسرة محافظة، فيما لم يستعبد آخرون كل الاحتمالات التي تفسر تصوير الشريط "الإباحي".
وغير بعيد عن المحمدية، انتشرت صور تلميذين في وضع حميمي بملابس المدرسة من داخل مؤسسة تعليمية بالدار البيضاء، تداولها الفضوليون ومرتادو موقع الفايسبوك بكثرة، ويبدو فيها التلميذ يعانق زميلته من الخلف في وضعية ساخنة، وبجانبهما طاولات الفصل الدراسي
وفي نفس السياق ألق أمن الدار البيضاء أخيرا القبض على تلميذين، فيما يوجد خمسة آخرين في حالة فرار، لتورطهم في استدراج تلميذة تدرس معهم في نفس القسم إلى مكان خال، وممارسة الجنس عليها واغتصابها بطريقة جماعية، بمشاركة بعض أصدقائهم من خارج المؤسسة التعليمية
أولياء الأمور يتهمون..
أولياء أمور تلاميذ، أجمعوا على استنكار مثل هذه التصرفات غير الأخلاقية، غير أن آراءهم توزعت بين من ألقى اللائمة على الأسرة كمسؤولة عما يحدث، ومن اتهم المدرسة والفاعلين التربويين لضعف مراقبتهم لأبنائهم في قاعات المدرسة ومحيط المؤسسات التعليمية.
محمد الركيبي، رجل تعليك متقاعد وأب ثلاثة تلاميذ، قال إن ما يروج بخصوص تلاميذ يمارسون أعمالا فاحشة في الأقسام أو بالقرب من المدارس ليس أمرا جديدا، لكن ربما يكون قد تزايدت حدته في الآونة الأخيرة لأسباب اجتماعية ونفسية بالخصوص.
وأردف الأب بأنه يعتقد أن حادثة "قبلة الناظور" التي أثارت ضجة كبيرة، والتي لم تسفر عن أية عقوبة في حق التلميذين اللذين انتشرت صورهما في المغرب وخارجه، قد يكون شكل حافزا "سيئا" لغيرهما من التلاميذ لمعاودة الكرة، مادام العقاب أو الزجر غير موجود".
وبالنسبة للسيد بوشعيب شامير، أب لتلميذة في مستوى الثانوي بسلا، فإن هذه الحوادث كلها لها علاقة بالجنس، وبالروابط العاطفية والجسدية بين الجنسين، ما يعني أن "أبناءنا ينظرون إلى موضوع العلاقات الجنسية والعاطفية بشكل خاطئ بسبب عدم توعية الأسرة لهم في هذا الباب".
والتقطت العيدية، أم في عقدها الرابع، خيط الحديث من بوشعيب لتؤكد أن الأسرة ليست المسؤولة الوحيدة فيما يقع للأولاد والبنات في المدارس اليوم، بل إن المؤسسة التعليمية أيضا مسؤولة، "شحال قدنا ما نحضيو" ترفع السيدة صوتها مطالبة بأن تكثف المدارس مراقبتها للتلاميذ داخل الفصول، والمصالح الأمنية خارج المدارس
الصدوقي: المراهقة والاهتمام بالجنس
الأخصائي التربوي، محمد الصدوقي، له رأي جامع بخصوص هذه القضية، فهو يرى أن "هناك عدة عوامل نفسية واجتماعية وقيمية وتربوية وحضارية تكمن وراء ما سماه البعض "السعار الجنسي" لدى التلاميذ في الآونة الأخيرة.
وأوضح الصدوقي، بأنه من الناحية النفسية يلاحظ أن جل فضائح التلاميذ الجنسية التي يثيرها الإعلام بأنواعه، هي لتلامذة الثانوي، وهؤلاء التلاميذ ينتمون إلى الفئة العمرية التي تصنف نفسيا في مرحلة المراهقة، حيث يطغى على هذه الفئة الاهتمام المتمركز حول الجنس".
وتابع الباحث "نظرا للضغوطات والنشاطات الجنسية الحيوية والنفسية التي يخضعون إليها، فليس غريبا أن نلاحظ لدى الجنسين هذا الهوس و"السعار" الجنسي، بالإضافة إلى تأثير التحولات الاجتماعية والقيمية العميقة التي خضعت لها البنيات التقليدية للمجتمع والأسرة.
وعزا الأخصائي تلك التحولات إلى "اختراق النماذج الاجتماعية والثقافية والقيمية والحقوقية الغربية، الرأسمالية والليبرالية، للمجتمع المغربي، والتي أثرت على تنشئة هذا الجيل الجديد من الأطفال والشباب، والذي أصبح يتصف ببعض السمات النفسية الخاصة".
وسرد الصدوقي عددا من هذه السمات: "النزعة نحو التحرر والذاتية، والنزعة أكثر نحو اللذوية والاستهلاك وحب الظهور والاستعراض، وعدم الخوف من الضوابط والعقاب، والتمرد على كل أشكال القيود والطابوهات المجتمعية التقليدية من أجل تحقيق نزواته ورغباته الذاتية
0 commentaires :